صراعات العالم
عالم مضطرب:
الصراعات العشرة الأكثر تأثيرا فى الأمن الدولي في 2013
وفي هذا الإطار، قدمت الكاتبة لويز أربور مقالة بعنوان "عشرة صراعات للمتابعة في عام 2013" في مجلة الفورن بوليسى، ترصد فيها الصراعات العشرة الأكثر خطورة على الساحة الدولية، والتي تتوقع أن يكون لها التأثير الأكبر فى تطورات العلاقات الدولية في العام الجديد.
تناولت الكاتبة عددا من الأزمات في أماكن مختلفة من العالم، بعضها بدأ وتصاعد في 2012 ويُتوقع تفاقمها في 2013 ، وأخرى لم تحتدم بعد، وإن كانت العديد من المؤشرات تنبئ بتطورها. ثم اختتمت الكاتبة بثلاثة أمثلة لصراعات بدأت في الأعوام السابقة، وتتوقع أن تشهد قدرا من التهدئة.
أولا- الصراع في السودان:
أوضحت أربور أن انفصال
الجنوب لم يكن حلا للأزمة السودانية، ولم يمثل نهاية لمخاطر الحرب الأهلية
التي تعانيها الدولة نتيجة لتركز السلطة والثروات في يد النخبة الحاكمة،
مما يهدد بالمزيد من الانقسام في المجتمع السوداني، وسوء الأحوال
الاقتصادية، واستمرار للفوضى وغياب الاستقرار.وبعد أن كان الصراع في السابق
مقصورا على الحكومة من جهة، والحركة الشعبية لتحرير السودان الممثلة لجنوب
السودان من جهة أخرى، فقد اتسعت دائرة الصراع، وأصبحت الحكومة تواجه
تحالفا يضم عددا كبيرا من الجماعات المتمردة في دارفور، وجنوب كردفان،
والنيل الأزرق، يطلق عليه "الجبهة الثورية السودانية".
وترى أربور أن انتهاء الأزمة من الممكن أن يحدث فقط إذا فتحت الحكومة
السودانية قنوات للحوار مع كافة أطراف النزاع. كما لابد أن يكون هناك ضغط
دولي على كافة الأطراف لتشجيعهم على الوصول إلى حلول موضوعية تنهي الأزمة،
وتقلل من وطأتها.
ثانيا- الصراع التركي- الكردي:
احتدم الصراع ما
بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني خلال الأعوام الماضية، وهو
الأمر الذي رأت الكاتبة أنه ينذر بتفاقم الوضع في 2013. يرجع ذلك إلى قيام
أردوغان، رئيس الوزراء التركي، بتهديد حزب السلام والديمقراطية، والذي
يتبني سياسات موالية للأكراد، برفع الحصانة البرلمانية عنهم، والقبض على
عدد كبير من الأكراد بتهمة التورط في العمليات الإرهابية التي قام بها حزب
العمال الكردستاني في عام 2009. كما أن الحكومة التركية قد أوقفت كافة
مساعي الحوار مع حزب العمل، مما كان يمثل أملا لضمان حقوق الأكراد، الذين
يتراوح عددهم من 12 إلى 15 مليون نسمة، أي أنهم يشكلون 20 بالمائة من حجم
السكان.
وأضافت أربور أنه من غير المتوقع أن تتم تسوية هذا الصراع خلال العام
2013، نتيجة لغياب الرغبة الحكومية في اللجوء إلى الحلول السياسية بدلا من
المواجهة العسكرية، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في 2014 ، ورغبة
أردوغان فى اجتذاب الناخبين من التيارات اليمينية والقومية. ومن جهة أخرى،
فإن قدرة حلفاء حزب العمل في سوريا على تحقيق بعض الانتصارات قد تدفع الحزب
إلى مواصلة السعي للسيطرة على الأجزاء الجنوبية الشرقية للبلاد، واستهداف
رموز النظام التركي.
ثالثا-غياب الاستقرار في أفغانستان:
توقعت
الكاتبة أن الحكومة الأفغانية لن تستطيع تحمل مسئولية إدارة الدولة وحدها،
حال انسحاب القوات الأمريكية وقوات الناتو في 2014. كما أن الفترة الحالية
تشهد غيابا للثقة ما بين القيادات الأمريكية والحكومة الأفغانية، بعد
انتشار مجموعة من التقارير التي أوضحت قيام القوات الأمريكية في أفغانستان
بحرق نسخ من القرآن، وقتل أحد الجنود الأمريكيين لسبعة عشر شخصا، كان من
بينهم تسعة أطفال.كما أن هناك بعض التخوفات التي تحيط بالانتخابات الرئاسية
المقرر إجراؤها في 2014 بعد انتهاء مدة حامد كارزاي الذي أبدي عزمه على
ترك السلطة، فور إجراء الانتخابات، ولكن تبقي احتمالات أن يقوم بطريقة
مباشرة أو غير مباشرة بمحاولة البقاء في السلطة والسيطرة على البلاد.
ويظل الضمان الوحيد لتحقيق الاستقرار هو التمسك بحكم القانون في إدارة
مرحلة التحول التي تشهدها الدولة في العامين 2013 و 2014. إذا لم يتم ذلك،
تتوقع أربور أن تؤدي الفترة القادمة إلى المزيد من الصراعات والانقسامات
داخل النخبة الحاكمة نفسها، وهو ما ستستغله العناصر المتمردة التابعة
لطالبان لتحقيق مصالحها.
رابعا- إدارة التحول الديمقراطي في باكستان:
استطاعت
باكستان أن تنجز مجموعة من الخطوات في طريق التحول الديمقراطي، ولكن تبقي
هناك مجموعة من العقبات التي أكدت الكاتبة أهميتها لضمان الإدارة الجيدة
لهذه المرحلة. فمع الانتخابات الباكستانية في عام 2013، لابد من إجراء بعض
الإصلاحات على اللجنة الانتخابية، وضمان حياد المؤسسة القضائية، وألا تتدخل
للحيلولة دون إتمام الانتقال السلمي للسلطة من خلال انتخابات حرة ونزيهة،
فضلا عن أن هناك ضرورة لأن تتخطي الحكومة والمعارضة البرلمانية التي
يترأسها نواز شريف الخلافات السياسية، ومنع المؤسسة العسكرية من أن تتدخل
لإفساد الحياة الديمقراطية.
خامسا- منطقة الساحل الإفريقي (مالي ونيجيريا):
لقد
شهدت منطقة الساحل الإفريقي حالة من عدم الاستقرار، شملت العديد من الدول
خلال العام الماضي، وتلقي بظلالها على العام 2013. ومن أبرز هذه الدول هي
مالي، وذلك بعد الانقلاب العسكري الذي أسقط الحكومة في مارس 2012، وسيطرة
القيادات العسكرية على الحياة السياسية، وقيام القاعدة بالتمركز في جنوب
البلاد. بيد أن التدخل العسكري الفرنسي ضد الجماعات المسلحة في شمال مالي
قد ينتج عدم استقرار لمنطقة الساحل والصحراء بشكل عام.
كما توقعت أربور احتمالية أن يكون عام 2013 عاما دمويا في نيجيريا بعد
سيطرة بوكو حرام عليها، وهي الجماعة الإسلامية الراديكالية التي اتهمت
بالقيام بعدد كبير من العمليات الإرهابية. كما أن استراتيجيات الدولة
المتخبطة في الحديث عن إمكانية التفاوض، أو قيامها بعمليات عسكرية
للمواجهة، لم تستطع القضاء على بوكو حرام، بل على العكس أدت إلى تفاقم
الاوضاع.
سادسا- الحرب الأهلية في جمهورية الكونغو الديمقراطية:
بعد
عمليات التمرد في شرق الكونغو في أبريل 2012، والتي أودت بحياة عدد كبير
من المدنيين، وأدت إلى تهجير السكان، بدأت العديد من الفواعل الإقليمية
والدولية فى محاولة البحث عن طريقة لاحتواء الجماعات المتمردة والحيلولة
دون اندلاع حرب. إذ أوضحت الكاتبة أن الوضع في الكونغو أصبح على المحك،
فإما أن تفتح الحكومة الباب للحوار مع الجماعات المتمردة المدعومة من
رواندا لتهدئة الأوضاع، والوصول إلى حل موضوعي وتسوية للصراع، وإما أن يعيد
تاريخ الحرب الأهلية نفسه في الكونغو من جديد هذا العام.
سابعا- الأزمة السياسية في كينيا:
على الرغم من
بعض الإصلاحات السياسية التي تمت في كينيا لتفادي ما حدث في انتخابات 2007،
والتي تم فيها استخدام العنف على نطاق واسع، فإن الأسباب الهيكلية التي
تسببت في تفاقم الوضع من بطالة وفقر وغياب للمساواة لا تزال قائمة. ولذا،
تتوقع أربور احتمالية استخدام العنف ، لاسيما بعد فوز اوهورو كينياتا
بانتخابات الرئاسة في 2013 على رئيس الوزراء الكيني المنتهية ولايته رايلا
اودينغا.
ثامنا- الصراع السوري وتداعياته على لبنان:
تمر
سوريا حاليا بمرحلة خطيرة تتوقع أربور استمرارها في عام 2013، بعد أن أكد
نظام الأسد صعوبة عزله من السلطة، وعدم نجاح الجهود الدولية في الضغط عليه،
وازدياد عدد القتلى والمهجرين. فلقد وصل الصراع في سوريا إلى حد اختفت معه
الحلول السياسية، وأصبحت الأداة العسكرية هي الركيزة الأساسية للمواجهة،
فضلا عن أن المجتمع السوري نفسه يشهد حالة من الاستقطاب الشديد،
والانقسامات الدينية والعرقية.
ورأت الكاتبة أن هذا البعد الطائفي في الصراع السوري ستكون له تداعياته على لبنان، فكثيرا ما تأثرت بيروت بتغيرات الأوضاع في دمشق، وهو ما يمثل تحديا لقيادات الحكومة اللبنانية للحيلولة دون انتقال الفوضى من الحدود إلى داخل الدولة.
ورأت الكاتبة أن هذا البعد الطائفي في الصراع السوري ستكون له تداعياته على لبنان، فكثيرا ما تأثرت بيروت بتغيرات الأوضاع في دمشق، وهو ما يمثل تحديا لقيادات الحكومة اللبنانية للحيلولة دون انتقال الفوضى من الحدود إلى داخل الدولة.
تاسعا- الصراع في وسط آسيا:
يتضمن هذا الإقليم
مجموعة من الدول التي تقف على حافة صراعات قد تتفاقم في عام 2013. أولي
هذه الدول هي طاجيكستان التي أدت حالة عدم الاستقرار فيها إلى ظهور نزعات
انفصالية لدى بعض الجماعات داخل الدولة. وكذلك الحال في قيرغيزستان التي لا
تزال الحكومة فيها تتجاهل عدم التوترات الإثنية، وغياب حكم القانون. كما
تظهر حالات متعددة لانتهاكات حقوق الإنسان في عدد من الدول، وعلى رأسها
أوزبكستان. وكذلك الحال في كازاخستان التي شهدت في العام الماضي عددا من
العمليات الإرهابية في جنوب وغرب البلاد من قبل جماعات جهادية. ومن ثم،
تتوقع أربور أن يشهد العام الجديد تطورات سلبية تؤثر فى أمن المنطقة.
عاشرا- الصراع في العراق:
أوضحت أربور مجموعة من
المؤشرات التي استدلت إليها للتدليل على أن الأوضاع العراقية قد تسيطر
عليها حالة من عدم الاستقرار في العام الجديد. من بين هذه المؤشرات هو قرار
الحكومة الشيعية، بقيادة المالكي، دعم إيران في صراعها مع الغرب للحيلولة
دون السيطرة السنية الخليجية على المنطقة، أو السيطرة الأمريكية، أو
التركية.
كما اتخذ المالكي مجموعة من التدابير التي من شانها أن توسع من نطاق
سلطاته للسيطرة على كافة مؤسسات الدولة، مما أدى إلى زيادة المعارضة لنظام
المالكي وسياساته. وأخيرا، فإن قيام القاعدة بتكثيف نشاطها على الأراضي
العراقية في الفترة الأخيرة قد يؤثر سلبا فى أمن العراق وسوريا وكافة دول
المنطقة.
آفاق التهدئة
في ختام الدراسة، قدمت أربور أمثلة لدول عانت صراعات محتدمة في فترات سابقة، ولكن تتوقع أن تشهد تهدئة في العام الجديد. أولي هذه الدول هي كولومبيا التى أنهت فيها المشاورات السلمية في أكتوبر 2012 حرب العصابات التي استمرت لفترة طويلة، لتنذر بعودة الاستقرار للأراضي الكولومبية. وعلى الرغم من وجود بعض الخلافات ما بين الحكومة والمعارضة، فإن هناك اتفاقا على أهمية المشاورات لبناء السلام.
وفي الفلبين، توقعت الكاتبة أن تشهد الفلبين عودة للسلام والاستقرار بعد 40 عاما من الصراع ما بين المتمردين والدولة، بعد توقيع الحكومة و"جبهة تحرير مورو الإسلامية" المسلحة اتفاقية سلام في أكتوبر. وأخيرا، في ميانمار، بدأت الحكومة تتخذ مجموعة من الإجراءات لإتمام عملية التحول الديمقراطي، كالإفراج عن المعتقلين السياسيين، وإلغاء الرقابة على الإعلام، وغيرها. كما أن الدول الغربية بدأت بتخفيف العقوبات على ميانمار، وإنهاء العزلة الدبلوماسية المفروضة عليها. ولكن تبقي مشاكل تعرض الأقلية المسلمة لعمليات عنف عقبة نحو تحقيق السلام الشامل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق